07 فبراير 2013

مفهوم ثقافة الخدمات القانونية بالمغرب‏


الكارح ابو سالم ـ هبة بريس 
 تعج المعاملات اليومية ببلدنا بالكثير من المتناقضات في شتى المجالات ( البناء ..السكن ... اقتناء السيارات ،،الدرجات التعاقداات والالتزامات ، الديون والاقتراض التنازلات .....الخ ) من انواع التعاملات العديدة،الامر الذي يجعل الجانب القانوني المؤطر لها يفرض نفسه بقوة ، والذي غالبا ما يغيب لاهداف معينة .
 حول هذا الموضوع ، ونظرا لاهميته القصوى وافانا المستشار القانوني لهبة بريس الاستاذ خالد الادريسي بما يلي :
 تعرف التصرفات القانونية مجموعة من التغيرات بحسب تغير الزمان و المكان فيما يمكن أن يكون ماهو مقبولا في زمان ما غير مقبول في زمان اخر و نفس الشيء ينطبق على حالة الأمكنة فما يعتبر تصرفا قانونيا عاديا في مكان ما قد يعتبر كذلك في مكان اخر و نحن نعلم أن هذا الأمر تتحكم فيه العادات و التقاليد و التعاليم الدينية .
 ولعل من أهم المواضيع التي تطرح نوعا من الجدل لاسيما في البلدان العربية و الإسلامية هو ثقافة بيع الخدمات الذي لازالت مجهولة عند الكثيرين و مشكوك فيها عند كبير من الناس الذين لايؤمنون سوى ببيع السلع و المواد الملموسة . و هكذا إذا منحت لشخص ما قمحا أو زيت أو ما إلى ذلك من المواد المحسوسة فإنه يعطيك في مقابل ذلك مالا و لا تكون لديه أدنى مشكلة لأن يرى المقابل الذي منحه من أجله المال . لكن إذا تم تقديم خدمة سواء كانت قانونية أو مالية أو عقارية أو ما إلى ذلك من مجالات تحتاج إلى إستشارات و توضيحات فإنه لا يكون مقتنعا بإعطاء مقابل مالي لهذه الخدمات .
 و ربما الذي يجعل الشخص يقتنع بهذا الأمر أنه تكونت لدى أجيال كثيرة ثقافة أن من يعطيك نصيحة أو إرشاد أو فتوى فإن المقابل يكون بالدعوة له بالخير و البركات أو كما نقول بالعامية المغربية " الله يرحم الوالدين " . و كأن هذه الدعوى سيؤدي بها المحامي أو المحاسب أو الخبير العقاري أو المالي أجور الموظفين و الضرائب و باقي الإلتزامات المالية التي تتقل كاهله .
 و بحكم التجربة و من خلال الممارسة العملية لمهنة المحاماة تبين لي أن العديد من الموكلين يحصلون على إستشارات قانونية في مسائل حاسمة تخص حياتهم الشخصية و المالية و الغريب في الأمر أنك حينما تخبر موكلا أو زبونا أن عليه أداء أتعاب الإستشارة القانونية تجد عليه علامات الدهشة و الإستغراب بشكل يكون لديه قناعة أنك تريد إبتزازه أو النصب عليه . لأنه مقتنع بأن الدعاء للسيد المحامي عند الله هو المقابل ، و كأن هذا الأخير درس سنوات عديدة و إجتاز إمتحانات و إختبارات مهنية و تخطى إكراهات مادية من أجل أن يحصل على المكانة التي أصبح عليها من أجل أن يأخد الدعوات و الإبتهالات كأتعاب و كمقابل عن الخدمات التي يقوم بها .
 و بعكس المغرب و الدول العربية فإن الأمر مختلف في أوروبا ذلك أن الناس هناك على درجة من الوعي تجعلهم يقدرون أن وقت المحامي أو المستشار القانوني يساوي المال و أن أي دقيقة إلا و تقدر بثمن لذلك ترى المحامون أو مقدموا الخدمات في أوروبا و الدول المتقدمة بمجرد دخول الشخص يبدو أن يبدوان في إحتساب الزمن الذي يمكنه من خلاله عداد خاص معد لهذا الغرض ، و أتعاب الإستشارة تختلف بحسب المدة الزمنية التي يستغرقها الزبون .
 لذلك أظن أنه ينبغي أن يقوم هناك على المستوى الثقافي إذا ما أردنا أن نطور الخدمات بصفة عامة و القانونية منها بصفة خاصة ، فمثلا في الموروث الثقافي الشعبي يعتبر السمسار أو الوسيط هو بمثابة النصاب و المستغل و الذي يأخد الأموال بدون وجه حق ، بينما هو في القانون مؤسسة قانونية قائمة بذاتها و دورها الإجتماعي و الإقتصادي لا يخفى بإعتبارهم من أهم محركات المعاملات التجارية و غير التجارية و من الحرام النظر إليهم بهذه الصفة و من الحرام أن لا تؤدي لهم أجورهم بإعتبارهم " سمسارة" و هم على النقيض من ذلك أناس يساهمون في التنمية داخل المجتمع .
 ختاما نتمنى أن يكون هناك تحسيس داخل المجتمع من لدن العديد من الجهات للدور الذي تقوم به المؤسسات التي تقدم الخدمات بشكل يجعل المواطن مقتنعا بدورها في حياته و ثانيا بإقتناعه أن هذه الخدمات ليست مجانية و إنما مؤداة عنها.