09 يوليو 2011

رئيس الغرفة الوطنية للتوثيق العصري بالمغرب

حوار مع ذ. أحمد أمين التهامي الوزاني رئيس الغرفة الوطنية للتوثيق العصري بالمغرب .. المشروع الجديد محطة مفصلية في تأطير المهنة وتجفيف منابع الانزلاقات وإرساء الشفافية

أجرى الحوار : محمد خيرات

- يتدارس مجلس المستشارين حاليا مشروع القانون الجديد لتنظيم مهنة التوثيق العصري ، ماهي الملامح الكــــبرى لهذا القانــون و أبرز ما قدمه ؟

- إن القانون الحالي الذي يؤطر مهنة التوثيق أصبح متجاوزا و يلفه الكثير من الغموض, هو الأمر الذي يفتح المجال أمام اجتهادات متضاربة وانزلا قات متعددة .
كيف يعقل أن تبقى هذه المهنة مؤطرة بقانون صدر سنة 1925 و الحال أن الأوضاع الدستورية السياسية والاقتصادية والاجتماعية الوطنية والدولية عرفت تغيرا جذريا و أصبحنا نتحدث عن العولمة والمعاملات القانونية والتجارية الالكترونية, إنها مفارقة غريبة لايمكن أن يطمئن معها المواطن على سلامة عقوده ومصالحه القانونية .
وأؤكد لكم أن كل موثقي المغرب ينتظرون صدور القانون الجديد بفارغ الصبر و هو تطلع يتقاسمونه مع السلطات العمومية الوصية وأعضاء المؤسسة البرلمانية وكافة الإدارات والمؤسسات المعنية .
إن المشروع الجديد سيمكن لا محالة من تنظيم أفضل للمهنة وسيوفر مزيدا من الشفافية والتخليق والحماية لحقوق ومصالح المجتمع وسيعزز السلامة القانونية للعقود والطمأنينة للمتعاقدين.


- في اتصالاتكم كغرفة وطنية للتوثيق العصري مع وزارة العدل، باعتبارها الوصية على القطاع، تقدمتم بمذكرة تعديليه لهذا المشروع 
 ماهي ملاحظاتكم ومؤاخذاتكم على المشروع الذي تقدمت به وزارة العدل؟

- العلاقة مع الوزارة الوصية هي علاقة جيدة ونلتقي في الحرص المشترك على تمكين مهنة التوثيق من إطار قانوني يؤهلها للانخراط في التطور الذي يعرفه المغرب في مختلف المجالات وتمكينها من الميكانيزمات الكفيلة بالرقي بالمهنة إلى مستوى النماذج المتطورة على الصعيد العالمي.
لقد كانت هناك مشاورات موسعة مع مسؤولي وزارة العدل مباشرة بعد انتخاب أعضاء المجلس الإداري للغرفة الوطنية للتوثيق العصري, وناقشنا في جو من الصراحة و المسؤولية مختلف توجهات المشروع قبل أن يعرض على المؤسسة التشريعية.


- هل نجحتم في تنوير الفرق النيابية لنقط الضعف التي ترونها في المشروع وكيف كان تجاوب المشرعين؟

- العلاقة مع الفرق النيابية كانت في الحقيقة علاقة مؤسسية و بناءة. كانت لنا لقاءات مع كل الفرق. و أكثر من ذلك كانت هناك أيام دراسية حول مشروع القانون, البعض منها نظم من قبل الفرق البرلمانية و البعض الآخر من قبل اللجنة المختصة كما هو الشأن بالنسبة للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين.
لقد كان النقاش جديا مسؤولا و ايجابيا, خاصة وأن السادة البرلمانيين بالمجلسين كانوا على إلمام واسع بجوانب عدة من المهنة على مستوى الأهمية الاقتصادية و الاجتماعية والصعوبات و المخاطر و أيضا على مستوى انشغالات و تطلعات المهنيين.
الأمر الذي سهل الحوار بين ممثلي الغرفة الوطنية للتوثيق و البرلمانين , حيث كان الهاجس الأول عند الطرفين هو حماية مصالح المجتمع و تقوية وتطوير المهنة. وقد تمكن المشروع في محطة مجلس النواب من تحقيق مكتسبات هامة في هذا الاتجاه, حيث تمت المصادقة عليه بالإجماع بعد إدخال 98 تعديلا همت جوانب عدة في الباب المتعلق بدور الهيئة في تدبيرالشأن الداخلي للمهنة.
ومن حسن حظ المشروع أنه تزامن في محطته التشريعية الثانية مع الدينامية الإصلاحية الدستورية و السياسية التي تشهدها بلادنا, الأمر الذي يتيح الفرصة للسادة المستشارين لاستحضار رهانات الظرفية التي سيطبق فيها و التي لم تكن بطبيعة الحال مستحضرة في الغرفة الأولى , من أجل إخراج نص متكامل و منسجم مع البيئة التي سيفعل فيها .
وأستغل هذه المناسبة لتقديم شكري و امتناني باسم كافة الموثقين لأعضاء لجنة العدل و التشريع بالمجلسين على المهنية الكبيرة وروح المسؤولية العالية التي تعاملوا و يتعاملون بها مع هذا المشروع وإيمانهم العميق بضرورة الإصلاح المستعجل لمهنة التوثيق العصري التي لازالت مؤطرة,كما سبق الذكر, بمقتضيات ظهير 1925 .

- من النقط التي تثير جدلا كبيرا قضية الولوج إلى المهنة ومسألة المراقبة والعقوبات... ماهو تصوركم لهذه القضايا؟


- إن مسألة الولوج هي أكثر الموضوعات تعقيدا وإثارة للجدل, حيث تتداخل فيها العديد من العوامل الذاتي منها والموضوعي و تتقاطع فيها العديد من المصالح, و إن كنا نعتقد جازمين أن المسالة هي أكبر من عملية حسابية ينظر إليها من زاوية مبادئ المنافسة والاحتكار أوالاستفادة من خبرات و تجارب فئات معينة . أننا اليوم أمام معضلة ذات وجهين. الأول مرتبط بإشكالية حاملي الشهادات العليا المعطلين الذين نتحمل جميعا مسؤولية المساهمة في إدماجهم في سوق الشغل, والثاني لا يقل أهمية و يتعلق بأزيد من 1500 متدرب يعيشون أزمات حقيقية في انتظار اكتساب صفة موثق لولوج الحياة المهنية بعد سنوات من التدريب. و السؤال المحوري هو لمن يجب إعطاء الأولوية انطلاقا من مبدأ العدالة الاجتماعية؟ إلى من قضى عشرات السنين في وظيفة أو مهنة معينة ويريد أن يتوج مساره المهني ويضع خبرته وتجربته في خدمة مهنة التوثيق؟ أو إلى من يتطلع إلى الخروج من براثن البطالة والشروع في بناء مستقبل مهني اجتماعي في مجال التوثيق.
لقد تركنا الحسم في هذه المعادلة الإشكالية باعتبارنا طرفا إلى تقدير وضمير السادة المستشارين باعتبارهم ممثلي الأمة الساهرين على حماية المصلحة العامة لاختيار التوجه الأكثر ديمقراطية، عدالة و إنصافا.
أما بخصوص المراقبة, أعتبر أن النص في صيغته الحالية أنصف مبدئيا هيئة الموثقين المزمع إحداثها بمنحها سلطة مراقبة المهنة بطريقة مستقلة و مباشرة وأيضا من خلال آلية اللجنة المشتركة التي تضم ممثلا عن النيابة العامة ووزارة المالية.
لكن سلطة المراقبة تبقى ناقصة إذا لم تقترن بسلطة تأديبية تضفي عليها القوة القانونية والمهنية . وقد التمسنا من السادة المستشارين أعضاء لجنة العدل و التشريع إيلاء العناية اللازمة لتدارك هذا التقصير, و نتمنى أن نجد التفهم اللازم من طرفهم, حيث اقترحنا أن يسند هذا الاختصاص في مرحلته الابتدائية للمجلس الجهوي للموثقين على أن يتم استئناف قرارات هذا الأخير أمام اللجنة الإدارية المنصوص عليها في الفصل 11 من المشروع, عوض أن تتكلف هذه اللجنة بتتبع جميع مراحل المتابعة التأديبية ضد الموثق .
وأصل إلى الشق المتعلق بالعقوبات الزجرية التي ينص عليها المشروع في حق الموثقين,و اذا كنا نشاطر المشرع الرأي في العديد من الحالات فإننا نعبر عن تحفظنا على المقتضيات الزجرية المرتبطة بالإشهار .


- فكيف يعقل أن نقر عقوبة حبسية لكل موثق قام بالإشهار دون أن نعطي تعريفا مدققا للإشهار؟

- ومتى كان الإشهار جنحة أو جريمة حتى نواجهه بعقوبات حبسية؟ أعتقد أن العقوبة التأديبية كافية في حالة مخالفة المنع ثم لابد من تحديد دقيق للإشهار وحالاته حتى لانفتح الباب أمام جملة من التأويلات و القراءات لاتعد و لا تحصى لمفهوم الإشهار . فيكفي أن نتساءل هل هذا الاستجواب الصحفي الذى تجرونه معي يدخل في خانة الإشهار, أم هو واجب مهني محض؟


- يتوقع أن يأتي القانون بتنظيم جديد لمهنة التوثيق، ماهي أبرز ملامح هذا التنظيم الجديد؟

- إننا نعتبر المشروع الجديد بمثابة محطة مفصلية في تأطير مهنة التوثيق يقطع مع الفوضى التي تعتري القطاع اليوم ويجفف منابع الانزلاقات والاختلالات في اتجاه مزيد من الوضوح والشفافية و حماية مصالح المتعاملين مع المهنة.
فالمشروع الجديد ينص صراحة على اعتبار مهنة التوثيق مهنة حرة وأحدث هيئة وطنية للتوثيق على غرار باقي المهن الحرة, في الوقت الذي لازلنا كغرفة وطنية للتوثيق خاضعين لقانون الجمعيات وهو ما يحد من فعالية تحركاتنا ومبادراتنا . كما أن المشروع خول الهيئة اختصاصات و صلاحيات مهمة من شأنها تقوية دورها في التكوين، في المراقبة و التخليق و حدد أسس علاقات جديدة مع السلطة الحكومية الوصية ووفر مقومات توحيد مقاربة و أسس العمل التوثيقي.
و خلاصة الأمر أن المشروع الحالي و بعد تدعيمه بإصلاحات طفيفة في مجلس المستشارين سيكون كفيلا بإعطاء انطلاقة جديدة لمهنة التوثيق يعزز مكانتها في المنظومة التعاقدية الوطنية و يدعم المكانة الاعتبارية للموثق في المجتمع .(منقول عن جريدة الاتحاد الاشتركي)
1/6/2011

06 يوليو 2011

التوثيق العدلي(2)

جل الكتابات إن لم نقل الكل التي تناولت موضوع التوثيق العدلي همشت مهنة النساخة كحلقة مهمة في سلسة بناء الوثيقة العدلية، أو اعتبرت النساخ قاصرين على القيام بمهمة النساخة بل إن الدكتور العلمي الحراق اعتبر "... أنه لايجوز فقها وقانونا ولامنطقا إسناد مهام الشهادة بمطابقة النسخ لأصولها وثبوتها وصحتها عند القاضي إلى النساخ ... مهما كانت الذرائع..." (كتاب التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة الجزء الأول ص432 طبعة 2009)
ولذلك فإننا بمجرد اطلاعنا على مسودة في مهدها لأحد عدول المستقبل الذين لهم نظرة مستقبلية نحو الافضل دون خلفية إقصائية أو متحجرة، ألححنا عليه بأن نكون أول من يتشرف بنشرها، وبعد موافقته على نشر ملخص ذلك، نشكره جزيل الشكر ونقدم عصارة فكره هذه في حلقات على هذا الموقع:
التوثيق العدلي في المغرب
بين مؤسسة قاضي التوثيق، ومؤسسة خطة العدالة، ومؤسسة النساخة
بقلم العدل المتدرب الأستاذ: نور الدين وركي
GSM:0670.751.739

أولا: مؤسسة قاضي التوثيق
جهة قضائية مسؤوليتها تكمن في التثبت من استيفاء الوثيقة العدلية لأركانها وشروطها ومراحلها تحملا وأداء، ومدا تقيد كل من العدول والنساخ بالضوابط التوثيقية الشرعية والقانونية، والملاحظ أن القاضي المسؤول عن هذه المؤسسة يكون دائما ذكرا نظرا لبعض المهام الملقاة على كاهله والتي لها صبغة دينية تشترط فيها الذكورة –الشيء الذي جعل بعض الجمعيات النشيطة في مجال المرأة والأسرة والمساواة بين الجنسين تطالب بأن تكون هناك قاضية للأسرة مكلفة بالزواج، وقاضية للتوثيق بالموازاة مع القضاة الذكور في نفس المجال- مع العلم أنه ليس هناك مايمنع قانونا من تولي المرأة لهذه المهام.
وبمقتضى قانون المسطرة المدنية وقانون التنظيم القضائي فإن قضاة الأحكام أربعة: قضاة أحكام، قضاة التوثيق، قضاة الشؤون القاصرين، قضاة الأسرة المكلفين بالزواج. ويستشف من هذا أن قضاء التوثيق هو إدارة قضائية تعنى بمراقبة ماتم توثيقه أو الإشهاد عليه من حقوق ومعاملات وتصرفات ووقائع على الشكل والمضمون الذي يحدده القانون وتختص هذه المؤسسة عمليا بمراقبة مرفقين مرتبطين بها وهما مؤسسة خطة العدالة ومؤسسة النساخة.

أ-مهام قاضي التوثيق بالتنسبة للعدول:
بمقتضى المادة 37 من المرسوم رقم 2.08.378 الصادر في أكتوبر 2008 المتعلق بتطبيق أحكام القانون رقم 16.03 الخاص بخطة العدالة "يكلف وزير العدل بمقتضى مقرر قاضي أو أكثر بشؤون التوثيق في دائر ة كل محكمة ابتدائية" وتطرقت المادة 35 من القانون المنظم لخطة العدالة إلى أحكام خطاب القاضي على الشهادات العدلية ونصت على أن القاضي المكلف بالتوثيق يجب عليه التحقق قبل أن يخاطب على الشهادات بعد تحريرها وتقديمها إليه على مايلي:
-إتمام الإجراءات اللازمة للوثيقة وأهمها الإدلاء بشهادة الإبراء الجبائي والشهادة الإدارية عند التفويت مع المستندات الأخرى كأصل التملك.
-التأكد من خلو الوثيقة من النقص وسلامتها من الخلل واستجماعها لفصولها وأركانها وشروطها
من خلال المادة 35 المذكورة سلفا فإن دور قاضي التوثيق بالنسبة للعدول هو إضفاء الصبغة الرسمية على الشهادات التي تم تلقيها وتحملها من خلال الأداء أو الخطاب الذي يعطي للوثيقة العدلية الروح والرسمية لتكتسب هذه الورقة الحجية والإثبات وتساعد القضاء في الفصل وتقطع النزاع.
وهناك سؤال يطرح من قبل الباحثين والمختصين في مجال التوثيق، هل الخطاب على الوثيقة الإدارية عمل إداري أم عمل قضائي؟ وفي حالة رفض قاضي التوثيق الخطاب على هذه الوثيقة ما العمل؟ هل يمكن الطعن أمام هذا الرفض؟ أي هل يمكن رفع دعوى أمام القضاء الإداري؟
قد يبدو شكلا أن قاضي التوثيق عملا إداريا روتينيا بمعنى أنه فقط يقوم بوضع خطابه على الوثيقة العدلية مقرونا باسمه وشكله، أي إعطائه الصبغة القانونية على العقد ونسخه وهو عمل كما وصفه احد المهتمين انه يشبه مصلحة المصادقة على الرسوم التي تقوم به الجماعات والبلديات لكن وكما سبق أن اشرنا إليه ومن خلال قانون المسطرة المدنية وقانون التنظيم القضائي فإن عمل مؤسسة قاضي التوثيق هو عمل قضائي بنص قانوني صرف، وأيضا من خلال المادة 35 من القانون رقم 16.03 فقاضي التوثيق لاينحصر دوره في المخاطبة على الرسوم فهو يتأكد قبل ذلك من خلو الوثيقة العدلية من النقص والخلل والإبهام ويتفحص المستندات ويستدعي العدول للمناقشة في حالة المستندات التوثيقية والكتابات والمنشورات الوزارية وبالتالي لا يمكن الطعن في أعمال مؤسسة قاضي التوثيق سواء أمام القاضي أو أمام القضاء الإداري.
بالإضافة إلى الدور الرسمي الذي تلعبه هذه المؤسسة في إضفاء الصفة الرسمية والقانونية على الشهادات العدلية، هناك عمل آخر تقوم به من خلال مراقبة العدول وتتبع أشغالهم وكيفية مزاولة مهامهم، وهو مانصت عليه المادة 40 من القانون 16.03 كتفتيشه للمكاتب العدلية مرة واحدة في السنة ورفع تقرير بذلك إلى وزير العدل، إذنه للعدول في تلقي الشهادات، يعين من يخلف العدل الغائب، إبداء رأيه في حالة متابعة العدل...
وأخيرا نقول أن علاقة قاضي التوثيق بالعدول قائمة على التضامن من أجل إخراج منتوج مر بصناعة شريفة (خطة العدالة) ونسخ وكتب بأيادي متقنة (النساخة) يساهم في التنمية العقارية والاقتصادية والاجتماعية.

ب-مهام قاضي التوثيق بالنسبة للنساخة:
(ترقبوا المزيد في حلقة قادمة بحول الله )