جل الكتابات إن لم نقل الكل التي تناولت موضوع التوثيق العدلي همشت مهنة النساخة كحلقة مهمة في سلسة بناء الوثيقة العدلية، أو اعتبرت النساخ قاصرين على القيام بمهمة النساخة بل إن الدكتور العلمي الحراق اعتبر "... أنه لايجوز فقها وقانونا ولامنطقا إسناد مهام الشهادة بمطابقة النسخ لأصولها وثبوتها وصحتها عند القاضي إلى النساخ ... مهما كانت الذرائع..." (كتاب التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة الجزء الأول ص432 طبعة 2009)
ولذلك فإننا بمجرد اطلاعنا على مسودة في مهدها لأحد عدول المستقبل الذين لهم نظرة مستقبلية نحو الافضل دون خلفية إقصائية أو متحجرة، ألححنا عليه بأن نكون أول من يتشرف بنشرها، وبعد موافقته على نشر ملخص ذلك، نشكره جزيل الشكر ونقدم عصارة فكره هذه في حلقات على هذا الموقع:
التوثيق العدلي في المغرب
بين مؤسسة قاضي التوثيق، ومؤسسة خطة العدالة، ومؤسسة النساخة
بقلم العدل المتدرب الأستاذ: نور الدين وركي
GSM:0670.751.739
أولا: مؤسسة قاضي التوثيق
جهة قضائية مسؤوليتها تكمن في التثبت من استيفاء الوثيقة العدلية لأركانها وشروطها ومراحلها تحملا وأداء، ومدا تقيد كل من العدول والنساخ بالضوابط التوثيقية الشرعية والقانونية، والملاحظ أن القاضي المسؤول عن هذه المؤسسة يكون دائما ذكرا نظرا لبعض المهام الملقاة على كاهله والتي لها صبغة دينية تشترط فيها الذكورة –الشيء الذي جعل بعض الجمعيات النشيطة في مجال المرأة والأسرة والمساواة بين الجنسين تطالب بأن تكون هناك قاضية للأسرة مكلفة بالزواج، وقاضية للتوثيق بالموازاة مع القضاة الذكور في نفس المجال- مع العلم أنه ليس هناك مايمنع قانونا من تولي المرأة لهذه المهام.
وبمقتضى قانون المسطرة المدنية وقانون التنظيم القضائي فإن قضاة الأحكام أربعة: قضاة أحكام، قضاة التوثيق، قضاة الشؤون القاصرين، قضاة الأسرة المكلفين بالزواج. ويستشف من هذا أن قضاء التوثيق هو إدارة قضائية تعنى بمراقبة ماتم توثيقه أو الإشهاد عليه من حقوق ومعاملات وتصرفات ووقائع على الشكل والمضمون الذي يحدده القانون وتختص هذه المؤسسة عمليا بمراقبة مرفقين مرتبطين بها وهما مؤسسة خطة العدالة ومؤسسة النساخة.
أ-مهام قاضي التوثيق بالتنسبة للعدول:
بمقتضى المادة 37 من المرسوم رقم 2.08.378 الصادر في أكتوبر 2008 المتعلق بتطبيق أحكام القانون رقم 16.03 الخاص بخطة العدالة "يكلف وزير العدل بمقتضى مقرر قاضي أو أكثر بشؤون التوثيق في دائر ة كل محكمة ابتدائية" وتطرقت المادة 35 من القانون المنظم لخطة العدالة إلى أحكام خطاب القاضي على الشهادات العدلية ونصت على أن القاضي المكلف بالتوثيق يجب عليه التحقق قبل أن يخاطب على الشهادات بعد تحريرها وتقديمها إليه على مايلي:
-إتمام الإجراءات اللازمة للوثيقة وأهمها الإدلاء بشهادة الإبراء الجبائي والشهادة الإدارية عند التفويت مع المستندات الأخرى كأصل التملك.
-التأكد من خلو الوثيقة من النقص وسلامتها من الخلل واستجماعها لفصولها وأركانها وشروطها
من خلال المادة 35 المذكورة سلفا فإن دور قاضي التوثيق بالنسبة للعدول هو إضفاء الصبغة الرسمية على الشهادات التي تم تلقيها وتحملها من خلال الأداء أو الخطاب الذي يعطي للوثيقة العدلية الروح والرسمية لتكتسب هذه الورقة الحجية والإثبات وتساعد القضاء في الفصل وتقطع النزاع.
وهناك سؤال يطرح من قبل الباحثين والمختصين في مجال التوثيق، هل الخطاب على الوثيقة الإدارية عمل إداري أم عمل قضائي؟ وفي حالة رفض قاضي التوثيق الخطاب على هذه الوثيقة ما العمل؟ هل يمكن الطعن أمام هذا الرفض؟ أي هل يمكن رفع دعوى أمام القضاء الإداري؟
قد يبدو شكلا أن قاضي التوثيق عملا إداريا روتينيا بمعنى أنه فقط يقوم بوضع خطابه على الوثيقة العدلية مقرونا باسمه وشكله، أي إعطائه الصبغة القانونية على العقد ونسخه وهو عمل كما وصفه احد المهتمين انه يشبه مصلحة المصادقة على الرسوم التي تقوم به الجماعات والبلديات لكن وكما سبق أن اشرنا إليه ومن خلال قانون المسطرة المدنية وقانون التنظيم القضائي فإن عمل مؤسسة قاضي التوثيق هو عمل قضائي بنص قانوني صرف، وأيضا من خلال المادة 35 من القانون رقم 16.03 فقاضي التوثيق لاينحصر دوره في المخاطبة على الرسوم فهو يتأكد قبل ذلك من خلو الوثيقة العدلية من النقص والخلل والإبهام ويتفحص المستندات ويستدعي العدول للمناقشة في حالة المستندات التوثيقية والكتابات والمنشورات الوزارية وبالتالي لا يمكن الطعن في أعمال مؤسسة قاضي التوثيق سواء أمام القاضي أو أمام القضاء الإداري.
بالإضافة إلى الدور الرسمي الذي تلعبه هذه المؤسسة في إضفاء الصفة الرسمية والقانونية على الشهادات العدلية، هناك عمل آخر تقوم به من خلال مراقبة العدول وتتبع أشغالهم وكيفية مزاولة مهامهم، وهو مانصت عليه المادة 40 من القانون 16.03 كتفتيشه للمكاتب العدلية مرة واحدة في السنة ورفع تقرير بذلك إلى وزير العدل، إذنه للعدول في تلقي الشهادات، يعين من يخلف العدل الغائب، إبداء رأيه في حالة متابعة العدل...
وأخيرا نقول أن علاقة قاضي التوثيق بالعدول قائمة على التضامن من أجل إخراج منتوج مر بصناعة شريفة (خطة العدالة) ونسخ وكتب بأيادي متقنة (النساخة) يساهم في التنمية العقارية والاقتصادية والاجتماعية.
ب-مهام قاضي التوثيق بالنسبة للنساخة:
(ترقبوا المزيد في حلقة قادمة بحول الله )